أبو قير للأسمدة تُجوع السوق المحلية... والمزارعون يدفعون ثمن التصدير بالدولار
كتب-كواليس الطاقة
تشهد السوق المحلية المصرية أزمة خانقة في توفير الأسمدة الزراعية المدعومة منها والتي تباع بالأسعار الحرّة، ما أثر بشكل مباشر على قطاع الزراعة وأدى إلى تفاقم معاناة المزارعين.
تكمن جذور هذه الأزمة في قرار شركة أبو قير للأسمدة بتخفيض طاقتها الإنتاجية بنسبة 40%، ما يعني أن الشركة باتت تنتج فقط 60% من طاقتها المعتادة، ويعود السبب الرئيسي وراء هذا التخفيض إلى نقص إمدادات الغاز اللازمة للإنتاج.
أزمة في السوق المحلية
أدى هذا التخفيض إلى عجز واضح في إمدادات الأسمدة في السوق المحلية، خاصة تلك المخصصة لوزارة الزراعة، والتي تُستخدم لإمداد المزارعين بالأسمدة المدعومة.
الوضع الحالي يُنذر بكارثة زراعية، حيث أضحى الموزعون في السوق المحلية يواجهون صعوبة بالغة في الحصول على حصصهم المعتادة. فبدلًا من الحصول على الكميات اللازمة لتلبية احتياجات المزارعين، يكاد كل موزع من موزعي الشركة المعتمدين لا يحصل على أكثر من 25% من حصته المعتادة، وهو ما يفاقم من أزمة نقص الأسمدة.
تفضيل التصدير الخارجي
بحسب مصادر من داخل شركة أبو قير للأسمدة، فإن الشركة تولي اهتمامًا أكبر لتغطية تعاقداتها بالدولار على حساب السوق المحلية. وفي هذا السياق، يُفضل رئيس مجلس إدارة الشركة، عابد عز الرجال، توجيه الإنتاج لتغطية احتياجات التصدير الخارجي، مستفيدًا من فرق سعر صرف الدولار، وهو ما يتيح للشركة تحقيق أرباح أكبر على حساب السوق المحلية.
هذا التوجه يثير تساؤلات حول مدى التزام الشركة بمسؤولياتها تجاه السوق المصرية والمزارعين المصريين الذين يعتمدون بشكل أساسي على الأسمدة المدعومة لمواصلة أنشطتهم الزراعية.
مخاطر تجويع السوق المحلية
هذا التوجه نحو تفضيل التصدير الخارجي يخلق العديد من المخاطر التي قد تهدد الأمن الغذائي في مصر. ففي ظل هذا العجز في إمدادات الأسمدة، يُتوقع أن تتراجع معدلات الإنتاج الزراعي، ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وزيادة الأعباء على المواطن المصري.
علاوة على ذلك، قد تتأثر بشكل مباشر خطط الحكومة الرامية إلى الاستمرار في تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات الزراعية، وهو ما يمكن أن يخلق ضغوطًا شعبية على الحكومة.
بحسب مصادر في وزارة الزراعة قإن استمرار الشركة في هذا النهج يطرح تساؤلات حول الدور الرقابي للجهات المعنية بقطاع الزراعة والأسمدة في مصر. ما هي الإجراءات التي يمكن أن تتخذها الحكومة لضمان توفير الأسمدة بالسعر المدعوم للمزارعين؟ وهل سيتمكن القطاع الزراعي من الصمود أمام هذه الأزمة؟
إن حل هذه الأزمة يتطلب تدخلاً عاجلاً من قبل رئيس الحكومة والجهات الرقابية لضمان إعادة توجيه الإنتاج نحو تغطية احتياجات السوق المحلية أولًا، قبل التفكير في التصدير الخارجي. كما ينبغي النظر في الحلول البديلة لتعويض نقص إمدادات الغاز التي تعيق الإنتاج، وذلك بهدف حماية القطاع الزراعي وضمان استمرارية توفر الأسمدة بأسعار معقولة للمزارعين.
إلى ذلك، تبقى الأسئلة حول مستقبل الأمن الغذائي في مصر معلقة، في انتظار تحرك حقيقي يحمي مصالح المزارعين ويضمن توفير احتياجاتهم من الأسمدة المدعومة.